ملخص:
الشباب العربي يعاني من الاغتراب الحاد، لعدم وضوح الرؤية أمامه، والازدواجية في الحياة التي يعيشها ؛ الازدواج في القدوة والتربية، وجميع المجالات التي تسهم في تكوين شخصية الشـاب العربي ونسيجه الفكري.
وهناك صيغة أخرى لاغتراب الشباب نجـدهـا لـدى الفيلسوف الألماني (شيللر) عـن الإنسان الممزق الذي أنفصلت لديه المتعة عن العمل، والوسيلة عن الغاية، والجهد عن العائد، وهذا يحدث حين يشعر الإنسان بعـدم الإنتماء للمجتمـع الـذي يعيش فيه، ومـن مظاهرهـا (تجـارة العملات،السمسرة وتجارة العقارات، ويصبح الأثرياء من غير المنتجين والذين يتميزون بالاقتراب من السلطة والتحايل على البنوك لعقد صفقات مربحة لهم)، وهذا شكل من الفوضى الأخلاقية الموجود في داخل المجتمع (رمضان بسطاويسي 1999م،مجلة سطور:ص 15- 17).
والحل هنا برأي المتواضع يأتي من خلال ” ربط الجهد بالعائد – ومحاربة أشكال الاقتصاد غير المنتج – والمصالحة بين الجانب الغريزي والعقلي في الإنسان، حتى يمكن للإنسان أن يحقـق حريته وتماسكه، ويصل إلى التغلب على وحدته الممزقة. في المدرسة، وهي أهم المؤسسات التربوية، يتلقى الشاب أنواعـاً مـن القيم والآراء المتناقضة المتنافرة، ويجد مربين ومعلمين مختلفين في الفكر والمنهج والسلوك، وتغدو عملية التربية والتعليم والتثقيف عبارة عن صراع بين البناء والهدم، وتتجمع حصيلتها في ذهن الشباب، لأنه يسمع : أفكاراً متناقضة وسلوكيات مختلفة. فهو يسمع في المؤسسات التعليميـة عـن الأخلاق والفضيلة وضرورة التقيد بهما، وخطورة الخروج على قانونهما.
وفي الجانب الآخر يسمع عن الحرية والحياة العصرية وضرورة التحلي بهما، وعن خطورة الكبت والقيد والقوقعة والتكلس في حماة التقاليد. يسمع الشباب العربي عـن الـدين وحقائقه وقيمه، وضرورة قيام المجتمع على دعائمه والاستعانة بمناهجه، وقدرته على حل كل مشاكل الحياة. وفي المقابـل يسـمع عـن العلمانيـة [ Secularism ] التي تتحدث عن الرجعية وضررها والنهضة العلمية، وكيف أنها نسخت العقائد، وعن ضرورة تحرير الفكر من أسر الإيمان بالغيبيات، والاستعانة بالفكر المادي لحـل كـل مشكلة وتحرير كل أرض.