مدخل إلى علم النفس الاجتماعي للعمل خواجة عبد العزيز
مقدمة :
منذ ظهور علم النفس كعلم مستقل بذاته وهو يحاول غزو مختلف المجالات المجاورة له بل والبعيدة عنه، فكان نتيجة ذلك نشـأة علـوم مشتركة عديدة تضم علم النفس ومجالات معرفية أخرى، فلم يعد التقليد الكلاسيكي مقبول في فصل الحقول المعرفية المختلفة، وبـذلك قـدمت الإيبستمولوجية الحديثة اعتذاراتها عن الأخطاء السابقة، لأن مجـالات العلم متداخلة يصعب الفصل بينها.
ولعل أهم تخصص نشأ من جـراء ذلك ومنذ البدايات الأولى لتزاوج العلوم “علم النفس الاجتماعي” الـذي أخذ قسطاً من علم النفس وقسطا آخر من علم الاجتماع.
في إطار هذا العلم انبثقت ونمت فروع أخرى أكثر تخصصاً منها علم النفس الاجتماعي للتربية وعلم النفس الاجتماعي للإعـلام وعلـم النفس الاجتماعي للإجرام… وغيرها من التخصصات، ومن بين أهمها أيضاً علم النفس الاجتماعي للعمل. يجب الإشارة هنا إلى أنه يصعب ايجاد مؤلفات مباشرة تحمل هذا الاسم “علم النفس الاجتماعي للعمل”، وكان لزاما على المختص دومـاً تجميع المعارف من مجالات علم النفس الاجتماعي العام وعلـم نفـس التنظيم وعلم اجتماع التنظيم لفهم هذا التخصص الدقيق.
الفصل الأول:
علم النفس الإجتماعي للعمل والعلاقات الاجتماعية:
أولا: علم النفس الاجتماعي للعمل
1- تعریف علم النفس:
يعرف علم النفس بأنه العلم الذي يتناول بالدراسة سلوك الكـائن الحي وما يحمله من عمليات عقلية وديناميكيـة ونفسية (شـعورية أو لاشعورية)، ودوافعه، وتجلياته، بطريقة علمية تهدف إلـى فـهـم هـذا السلوك وقواعده والتنبؤ بأنماطه والتخطيط له، وهو يهـتم بمختلـف جوانيه الشخصية والجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية (خليـل أحمد خليل، 1995، 280).
لكن الإنسان يعيش ضمن جماعة أو جماعات، ويتلقى تـأثيرات من مختلف الجوانب الشخصية والاجتماعية… منذ طفولته التي يكـون فيها عديم القوة إلى أن يتحمل المسؤوليات المختلفة. فالفرد يجد نفسـه دوماً أمام ممارسات لها علاقة مع أفراد آخرين من جماعته ممـا حـتم عليه إيجاد علم مشترك يفهم به هذه الجوانب النفسية والاجتماعيـة المتداخلة.
2 – علم النفس الاجتماعي:
يمكن تعريف علم النفس الاجتماعي بأنـه الـعلـم الـذي يتنــاول بالدراسة الفرد ومواقفه واستجابـاته التـي تحـد تبعـا للعلاقـات مدخل إلى علم النفس الاجتماعي للعمل الاجتماعية التي يمارسها ويتشكل من خلالهـا. فهـو يـدرس الكـائن الحي باعتباره كائنـاً اجتماعيـاً يخضـع لمجموعـة مـن المنبهـات الاجتماعية الموجهة لسلوكه ويتفاعل معهـا (خليـل عبـد الرحمـان المعايطة، 2000، 12).
يتضمن التعريف السابق جملة من المصطلحات الأساسية أهمها:
– السلوك: وهو تغير في حركة أو مستوى النشـاط فـي زمـن معين سواء كان عقليا، أو حركياً، أو نفسياً.
– التفاعل: وهو عملية التأثير المتبادل بين نظامين أو أكثر.
– كائن اجتماعي: يعيش ضمن جماعـة يتفاعـل معهـا تـأثيراً وتأثرا.
– موقف اجتماعي: مجموعة ظروف ومثيرات اجتماعية. – مثيرات ومنبهات؛ كل ما يحدث في محيط الفرد من تعيـرات وتأثير ذلك على سلوك الكائن.
3- موضوع علم النفس الاجتماعي:
يتحدد موضوع بحث علـم النفس الاجتمـاعي فـي “التفاعـل الاجتماعي” الذي ينبني على منبهات اجتماعية والتي تتضمن منبهـات مباشرة (بسيطة ومركبة) ومنبهات غير مباشـرة (بسيطة ومركبـة) .